لقد عانينا في الشرق الأوسط من مشاكل كالبطالة والتأخر العلمي واعتمادنا على موارد اقتصادية محدودة كالنفط والزراعة وغيرها وهذا كان نتيجة طبيعية لتأخر انظمتنا التعليمية عن الدول المتقدمة، واعتمادها غالباً على التلقين والحفظ وعمق معرفى سطحي الذي يؤول الي مخرجات لا توافق متطلبات سوق العمل في العصر الحديث او حتى متطلبات الحياة المدنية الحديثة .
مع الثورة المعلوماتية اصبح الوصول الي المعلومة متاحاً وبسهولة بضغط زر ! وليست مشكلتنا التعليمية بمدى الكمية التى يعرفها الطالب ولكن هدفنا هو مقدرة الطالب على استخدام تلك المعلومة في إيجاد حلول جوهرية لمشاكل مجتمعة، ولن يستطيع ذلك إلا إذا استخدم مهارات التفكير العليا كالتحليل والتفكير الناقد وحل المشكلات وغيرها .
فعلى سبيل المثال إن درست عن الطاقة لا نريد منك فقط معرفة قوانين الطاقة والحركة التى أوجدها علماء منذ قرون فيستطيع اي شخص إظهارها ببحث عبر شبكة الانترنت ولا نريد منك فقط حساب العمليات الرياضية التى تستطيع تطبيقات هواتف بيدنا حسابها بسهولة بل نريد أن تستخدم مهارات تفكيرك العليا في إيجاد ابتكارات وحلول للطاقة تناسب عصرنا الحديث ولن يحدث ذلك اذا كنت تدرس و تمتحن و تقيم بنفس الاسلوب القديم !
أن الوصول بطلابنا لهذه المرحلة المتقدمة من شغف التعليم يتطلب اولاً أن نقف وقفة صراحة على مستواهم الحالى، فنحن لن نجامل على حساب مستقبل وطننا الغالي، مشكلتنا أننا في العالم العربي غالباً ندرك نقصنا ونخفى عيوبنا أما في الغرب فهم يضعون عيوبهم امام اعينهم ليجدون حلول لها.
عزيزي ولي الامر قف وقفة صراحة ولا تلقى اللوم على من يبحث عن مصلحة ابنك فهم يعيشون عصراً ذهبياً في التعليم اتمنى لو أنني ارجع طالبة لأحظى بفرصة تعلم المواد الحديثة التى أدخلتها وزارة التربية والتعليم كالعلوم الصحية وإدارة الاعمال والتصميم الأبداعي والابتكاري، مواد سيستطيع الطالب الاعتماد عليها ليكون مستقل ويؤسس مشروعه الخاص ! ولكنها تحتاج لطلاب يصبحون في المكتبات ويسهرون في المختبرات، يقول ستيف وزنياك "كنت أقضى ساعات اقلب فيها دليل الأجهزة، وكنت اقول بنفسى أنا اريد أن اصبح مهندساً مبتكراً "، في مناهجنا الحديثة تقدم لهم مباديء الابتكار وأسسه على طبق من ذهب، وفرص ذهبية للتتويج لدرجة أن القيادة ترحب بهم كرمز ونخبة المجتمع .
نحظى بقيادة تعمل ليل نهار من أجلنا و أجل ابناءنا ومصلحتهم، وتسهر لوضع خطط التطوير فلا يمر يوم إلا وأعلن عن مشاريع تنموية ضخمه، تنتظر خريجي بمستويات كفاءة ومهارات عالية ليقفوا على ادارتها وتشغيلها، فكيف سيتحقق ذلك إذا استمر النظام التعليمي على النهج القديم بمناهج وأدوات التقييم التى كانت لا تقيس المهارات المكتسبة بل تعتمد على كم المعلومات المحفوظة !
وأخيراً عندما تكون ثقافة المدرسة جزء من ثقافة المجتمع ستحل الكثير من مشاكلنا التربوية والتعليمية، فالتعليم ليس مقتصر على المدرسة بل يجب أن يمتد إلى البيت وليس مقتصراً على سنوات الدراسة بل يجب أن يمتد الي العمر بأكمله !